كيف صنعت داعش أسلحتها
نشرت التقرير الأصلي واشنطن بوست وهذا ملخص مترجم نُشر على ساسة بوست (المصادر في الأسفل)
إنّ وحشية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا لا مثيل لها، فقد دبّر التنظيم المذابح بحق المدنيين والتفجيرات الانتحارية، ودمر منازل المواطنين بآلاف المتفجرات المصنعة يدويًّا. غير أن تقريرًا جديدًا، تم إعداده على مدار ثلاث سنوات يصف كيف نقل التنظيم الأسلحة والذخائر ومواد صنع القنابل إلى مناطق الحرب على نطاق لم يسبق له مثيل بالنسبة لمنظمة إرهابية.
بحسب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فقد وثقت مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها، أكثر من 40 ألف قطعة سلاح وذخائر في العراق وسوريا من خلال إرسال محققين ميدانيين إلى منطقة تمتد من مدينة كوباني شمال سوريا إلى جنوب العاصمة العراقية بغداد، وهو تعقب تقريبي لمسار تنظيم «داعش»للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي وإقامة الخلافة.
وقد نُشر التقرير، الذي وصفه الباحثون بالبحث الأكثر شمولًا حتى الآن عن كيفية حصول تنظيم داعش على أسلحته وإدخالها إلى مناطق الحرب، الخميس الماضي، ويمكن أن يصبح أداة حيوية لفهم الكفاءة الصناعية القاتلة للتنظيم. وفيما يلي بعض النقاط التي أوردها التقرير:
1- استولى تنظيم داعش على الصواريخ التي قدمتها الولايات المتحدة لجماعات المعارضة، ربما في انتهاك للاتفاقات مع مصنعي الأسلحة:
بحسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في يوليو (تموز) الماضي، فقد أنهت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برنامجًا سريًّا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» لتسليح المعارضة السورية المعتدلة، التي تقاتل الرئيس بشار الأسد. بعض التفاصيل حول الأسلحة التي تلقوها معروفة علنًا، ولكن الباحثين وجدوا العديد من الصواريخ في العراق، التي يبدو أن الولايات المتحدة قد اشترتها وتم تزويد المجموعات السورية بها.
في إحدى الحالات، تم العثور على صواريخ من طراز PG-9 73mm، التي باعها مصنعو الأسلحة الرومانيون للجيش الأمريكي في عامي 2013 و2014، في ساحات القتال بسوريا والعراق. وقال التقرير إنه تم العثور على حاويات ذات أرقام مطابقة في شرقي سوريا، واستردت من قافلة تابعة للتنظيم في مدينة الفلوجة العراقية.
وتشمل السجلات التي حصلت عليها مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» من المسؤولين الرومانيين اتفاقات تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تعيد تصدير تلك الأسلحة وغيرها من الأسلحة، وهي جزء من محاولة للحد من الاتجار بالأسلحة. كما كانت السعودية أيضًا مصدرًا آخر لنقل الأسلحة غير المسموح بها إلى سوريا.
ويقول التقرير إن الحكومة الأمريكية لم تردّ على طلبات لتتبع هذه الأسلحة وغيرها من الأسلحة التي وثقتها مجموعة المراقبة البريطانية. كما لم يردّ متحدث باسم وزارة الدفاع على طلبات التعليق من قبل مجموعة المراقبة.
2- استغرق الأمر من «داعش» أسابيع فقط لكي يحصل على صواريخ أمريكية مضادة للدبابات الأمريكية:
في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2015، صدّرت بلغاريا قاذفات صواريخ مضادة للدبابات للجيش الأمريكي من خلال شركة Kiesler Police Supply. وبعد 59 يومًا، استولت الشرطة الفيدرالية العراقية على بقايا أحد هذه الأسلحة بعد معركة في الرمادي بالعراق. وفي حالة أخرى، أظهرت مقاطع مصورة إحدى مجموعات المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا وهي تستخدم قاذف صواريخ مضادًا للدبابات مع رقم مطابق؛ مما يشير إلى أنها ربما جاءت من نفس الشحنة.
يوضّح هذا التسلسل كيف يمكن أن تتحول الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة ضد حلفائها، وتعيد تشكيل ساحة معركة، وتشكل خطرًا على الفرق الصغيرة لقوات العمليات الخاصة الأمريكية التي تتنقل بشكل روتيني في سيارات غير مهيئة لتحمل أسلحة مضادة للدبابات.
3- كانت عمليات التصنيع والتجريب عاملًا رئيسيًّا في انتشار الموت والخوف:
أشار محققو مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» إلى مواد مثل نترات الألمنيوم، وغيرها من السلائف الكيميائية القادمة من تركيا، والتي استخدمت في تقديم رسوم لقذائف الهاون والصواريخ في تكريت، والموصل، والفلوجة، وأماكن أخرى في العراق. وهذا يشير إلى عملية لوجستية قوية لتقديم المواد الخام إلى باحثي تنظيم داعش ومهندسيه، الذين يديرون الآلات الصناعية التي يتم الاستيلاء عليها، وفقًا للتقرير.
وقال داميان سبليترز، رئيس عمليات مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» في العراق وسوريا: «يؤكد ذلك نظريتي أن هذه هي الثورة الصناعية للإرهاب. ولأجل ذلك فإنهم يحتاجون إلى مواد خام بمقاييس صناعية». كما أدخل المسلحون تعديلات على بعض الصواريخ التي تُحمل على الكتف باستخدام مواد خام للحد من شدة الحرارة الناجمة عن إطلاق الصواريخ، الأمر الذي يعد خطرًا في المناطق الحضرية الضيقة.
4- ظهور البنادق الأمريكية في أشرطة الدعاية المصورة للتنظيم:
تظهر أشرطة الفيديو وصور الأسلحة الصغيرة التي صنعتها الولايات المتحدة والتي استولى عليها تنظيم داعش، ولا سيما بنادق M16 وM4، بشكل بارز في أشرطة الفيديو الدعائية لداعش لإظهار كيف هزم التنظيم المجموعات التي تتلقَّى دعمًا أمريكيًّا.
وبينما يبدو أن هذه الأسلحة قد تم تسليمها إلى قادة بارزين بوصفها مكافآت حرب، فإن وثائق مجموعة «أبحاث التسلح في الصراعات» خلصت إلى أنه لم يكن هناك تدفق كبير للبنادق الأمريكية الصنع في ساحة المعركة. فقط 3% من الأسلحة و13% من الذخائر التي وثقها باحثو المؤسسة كانت مطابقة للأسلحة المستخدمة في بلدان أوروبا الغربية. وجاءت جميع الأسلحة والذخائر الأخرى من الصين، وروسيا، ودول أوروبا الشرقية.
5- تتحمل إيران مسئولية إغراق العراق بالصواريخ خلال العمليات المناهضة لتنظيم «داعش»:
أنتجت بلغاريا وإيران ورومانيا أغلبية الصواريخ الجديدة من طراز 73mm التي تم استردادها من تنظيم داعش، وفقًا للتقرير. ومع ذلك، فإن إدخال صواريخ إيرانية جديدة مضادة للدبابات هو مقياس دقيق لمدى تأثير طهران في ذروة العمليات الموجهة ضد تنظيم داعش، خصمها الأيديولوجي. وقال التقرير إن جميع الصواريخ الإيرانية التي تم استردادها تقريبًا من تنظيم داعش في العراق قد أنتجت بعد عام 2014، إذ تم تصنيع 59% منها في عام 2015 وحده.
إن وجود مثل هذه الأسلحة قد يشير إلى بعض انتصارات «داعش»، واستيلائه على معدات تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقية، التي تشمل الميليشيات التي يمدها بالأسلحة ويدربها مستشارون عسكريون إيرانيون.