عالم التقنية والابتكار
ترجماتمقالات المحطةملحوظات متنوعةوظائف

يجب على الطلاب عدم التسرع في اختيار المهنة

مترجم للدكتور نضال قسوم من جريدة عرب نيوز

سيدخل مئات الآلاف من الطلاب حول العالم العربي الجامعات خلال أسابيع قليلة، وسيبدأ ملايين آخرون السنة الأخيرة من دراستهم الثانوية. الجميع -ناهيك عن آبائهم- سيكون مستقبلهم ومساراتهم الوظيفيّة في عين الاعتبار.

في أحدث برنامج PISA (برنامج تقييم الطلاب الدوليين) الذي ينظّم كلّ ثلاث سنوات والذي شاركت فيه ستّة بلدان عربية أخيرًا، سُئِل طلاب يبلغون من العمر 15 عامًا من 72 بلدًا عمّا إذا كان لديهم بالفعل مهنة في أذهانهم، وإذا كان الأمر كذلك ما هي تلك المهنة. والمثير للدهشة أنّ 85 في المئة منهم قد قرّروا بالفعل، وانحصرت خياراتهم في قائمة قصيرة، على رأسها “طبيب”. تشير استطلاعات أخرى إلى أن الشباب يتأثرون بشكل كبير بوالديهم في اتّخاذ خياراتهم المهنيّة، دون معرفة ما هو مُتاح أو إدراك مصالحهم الاجتماعيّة ورغباتهم الفكريّة. أتذكّر أنّني أُخبرت طوال طفولتي أنّني سأكون (وليس “يجب أن أكون”) طبيبًا، هذه هي المهنة الأكثر احترامًا. الحمد لله أنّي حقّقتُ رغبتي – بعد أن دخلتُ الجامعة.

عندما أقابل الطلاب في كلّ مكان، واحترامًا منهم لتجربتي العلميّة وخبرتي التعليميّة، غالبًا ما يتمّ سؤالي: “ما هو المجال الذي توصي أن أتّبعه؟” أو من زاويةٍ مختلفة: “أستاذ، أنا مهتمٌّ بالفيزياء الفلكيّة (أو الرياضيّات أو بعض المجالات)، هل تعتقد أنّ هناك مستقبلاً لها في منطقتنا؟”

أُخبر الطلاّب دائماً: أولاً، لا ينبغي لأحدٍ أن يخبرك عن المجال الذي يجب أن تتبعه، ولا حتّى والديك. ستكون حياتك ومهنتك، وليست حياة ومهنة أيّ شخصٍ آخر. ثانياً، لا تتسرّع في اختيار المهنة، على الأقلّ حتّى تخوض مواضيع كافية وتجري العديد من المناقشات مع الأساتذة والخبراء، وهذا يعني ليس قبل عام واحد على الأقلّ في الكلّيّة. ثالثًا، أرجوك تذكّر هذا: ما تحتاجه هو اكتساب المهارات التي ستسمح لك بتغيير الوظائف وحتى المهن في المستقبل، في حالة (سيحدث ذلك بشكلٍ دائم تقريباً) تطوّر الاقتصاد نحو اتّجاهٍ جديد، أو ظهور طرق ومشروعات جديدة في بلدك أو منطقتك.

في الواقع، من الواضح من بيانات PISA أنّ الأطفال البالغين من العمر 15 عامًا ممّن شملهم الاستطلاع لا يعرفون سوى القليل عن الوظائف المتوفّرة هناك أو حتّى الذين يدفعون رواتب عالية. فيما يلي المهن العشر التي تمّ ذكرها، من الأعلى شعبيّةً إلى الأدنى: الأطبّاء والمعلّمون والمحامون (تذكّر، معظم الأطفال كانوا من الدول الغربية)، ضبّاط الشرطة، الممرّضات، علماء النفس، المهندسون المعماريّون، الأطبّاء البيطريين، اللاعبون الرياضيّون/ الرياضيّون، والعاملون في المكاتب.

قارن ذلك مع الوظائف الأعلى أجراً في ألمانيا، على سبيل المثال (وفقًا لمسح عام 2018): الأطبّاء وأطبّاء الأسنان والمحامون والمهندسون وخبراء الرياضيات ومطوّرو الويب وعلماء الأبحاث ومنسّقي التسويق والمهندسون المعماريّون وعلماء النفس. تختلف القائمة في المملكة المتّحدة (من استطلاع عام 2017) قليلاً: وكلاء الأسهم، والرؤساء التنفيذيّون، ومديرو التسويق، وطيّارو الخطوط الجوّيّة، والمدراء الماليّون، والمدراء، والمحامون، ومراقبو الحركة الجوّيّة، والعاملون في الصحّة، ومديرو تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، والمدراء الماليون. والمدراء. ويهيمن على قائمة الولايات المّتحدة (من استطلاع 2018) العاملون في الصحّة (أطبّاء التخدير والجرّاحون وأطبّاء التوليد وأمراض النساء، وتقويم الأسنان، والأطبّاء النفسيّون، وأطبّاء الأطفال، وما إلى ذلك)، ثم مهندسو البترول، ومديرو تكنولوجيا المعلومات، ومديرو التسويق والمالية، و(ربّما من المستغرب) علماء السياسة.

ما تُظهِره هذه المَشَاهد هو شيئين: الأوّل، أنّ هناك سلسلة كاملة من المهن التي لا يبدو أنّ أطفال ما قبل الكليّة على درايةٍ بها؛ والثاني، هناك فرق كبير في الطلب على المهن من بلدٍ إلى آخر. ما لا تظهره القوائم، ولكن ما يجب أن نؤكّد عليه، هو أنّ هذه القوائم ستتغيّر بشكلٍ كبيرٍ في غضون بضع سنوات، ناهيك عن عقدٍ أو عقدين، عندما يكون الشباب الذين يدخلون الجامعة الآن في أعلى السلّم الوظيفي.

في العام الماضي، قدّر تقريرٌ صادر عن معهد المستقبل، ولجنة تضمّ 20 من خبراء التكنولوجيا والأعمال والأكاديميين من جميع أنحاء العالم، أنّ 85 في المئة من الوظائف التي ستوجد في عام 2030 لم يتمّ اختراعها بعد. وأنا أوصي الجميع (الطلاب وأولياء الأمور والمدرّسين والمسؤولين) بقراءة مقالات على الويب ، مثل “دليل ميداني لوظائف غير موجودة بعد“، و”إحدى عشرة وظيفة رائعة لا وجود لها اليوم، ولكن قريبًا ستوجد” لماري إلين سليتر (على سبيل المثال ، مدير الطائرات بدون طيّار وميكانيكا السيّارات ذاتيّة القيادة).

قبل اختيار مهنة أو حتى تخصّص في الكلّيّة، يحتاج الطلاب إلى أخذ الوقت الكافي لاستكشاف جميع السبل: تحدّث إلى الأساتذة، واطلب من أمناء المكتبات العثور على موارد مهنيّة جيّدة (كتب، ومواقع ويب وقواعد بيانات)، وابحث عبر الإنترنت. أيضًا، نعم، يجب أن يتحدّثوا مع آبائهم، لكن يجب أن يتذكّروا أنّها ستكون حياتهم، والمستقبل سيكون مختلفًا جدًا عن الحاضر.

[إضافة من المترجم]

للطلّاب العرب المقبلين على الدخول إلى الجامعات يمكنكَ قراءة كتاب كيف تختار تخصّصك الجامعي للدكتور ياسر البكار الاختصاصي في الإرشاد المهني، كما يمكنك حضور كورس كيف تختار تخصصك بعد الثانوية على منصّة رواق.

كما يمكن للطلبة وحتّى المتخرّجين والذين يشعرون بعدم الانسجام مع المهنة والتخصّص الذي خاضوه أن يطالعوا كتاب ثاني لفة يمين للدكتور أمجد جنباز.

المصدر

نُشر هذا المقال في المحطة بتاريخ 13-8-2018

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى