لو كانت “إسرائيل” قد أنشئت في الأرجنتين هل سيعترف بها العرب؟
بالتأكيد، بل إنّها ستكون أول المعترفين بها، وأشدّ الداعمين لها، وذلك للأسباب التالية:
أولاً – العلاقة الطيبة بين اليهود والمسلمين
حتى قبل الإعلان عن المشروع الصهيوني على يد تيودور هرتزل لم يكن هناك عداء معلن بين العرب واليهود، بل العكس، كان العرب والمسلمون أكثر شعوب العالم عطفاً على اليهود واحتضاناً لهم، في الوقت الذي كانت كلّ شعوب أوروبا تضطهدهم وتعاملهم معاملةً سيئة، والحقيقة إنّ هذا الأمر كان عاملًا سهّل هجرة اليهود إلى فلسطين.
ثانيًا – اليهود والعرب أبناء عمومة
اثنيًا يُعتبر العرب (الإسماعيليون بحسب تعبير اليهود) واليهود (سلالة إسحاق بحسب عقيدة المسلمين) أناء عمومة ويعودون كلهم للجدّ “إبراهيم” الذي يعترف به كل من أتباع الديانتين.
صحيح أنّ هذا اليوم يُعتبر هراء تاريخي لا قيمة له حيث إنّ الأنساب اختلطت بشكل كبير جدًا جدًا على مدى ثلاثة آلاف عام، لكن مع ذلك ما زال العرب ينظرون لليهود على أنهم أقاربهم.
ثالثًا – الأساس الديني للدولة
ينظر العرب للدين على أنّه أهمّ أساس من أسس الدولة، والذي يجب أن تقوم الدول بناءً عليه، حتى أنّهم يصِفون الدول التي لم تقُم على أساس ديني بأوصاف دينية، بالتالي ستكون دولة يهودية محطّ ترحيب وتهليل، بل وستكون حافزاً لهم.
رابعًا – الطبيعة البراغماتية للإنسان
هذا ليس خاصًا بالعرب، بل جميع البشر، والعرب من ضمنهم، فهم لا يؤيّدون أو يعادون الدول والشعوب والجماعات على أساس إنساني أو حقوقي، بل من باب المصلحة بالدرجة الأولى، ثمّ التقارب الديني الطائفي.
يعترف العرب بدول مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وهي دول قامت على إبادة الشعوب الأصلية وسلب كلّ مقدّراتها بما فيها الأرض، ولن يختلف الأمر لو فعلت “إسرائيل” نفس الأمر مع سكان الأرجنتين.
يعترف العرب بدول تمارس العنصرية بأشدّ حالاتها، مثل الهند وباكستان، يعترفون بدول ديكتاتورية مثل الصين وكوريا الشمالية.
خامسًا – البعد الجغرافي
اليوم مثلًا تحدث ويلات ومجازر ومعارك طاحنة في السودان وهي الدولة العربية المسلمة وبالرغم من أنها ليست بعيدة كثيرًا عن الشرق الأوسط لكن مع ذلك لا أحد يعلم شيئًا عنها.
بالنسبة لفلسطين نفسها، فإنّ مواقف العرب من خارج دول الطوق (سوريا، الأردن، لبنان، مصر) ليست بنفس قوّة مواقف مواطني دول الطوق، ونسمع يوميًا دعوات من مواطني الدول الأبعد عن فلسطين لإنهاء الصراع مع “إسرائيل” وإعطاء الإسرائيليين ما يريدون، أنا لا ألومهم، لكني أصف ما أشاهد.
النتيجة
ولا أستثني نفسي من هذه النتيجة، سيعترف العرب بدولة يهودية مهما كان اسمها لو كانت قد أنشئت في بلد بعيد مثل الأرجنتين أو أوغندة أو المكسيك وستكون من الدول الصديقة.
تعليق واحد