يعتقد بعضنا أن الحيوانات لا تستطيع السباحة، لكننا سنستغرب عندما نتعرف على المواهب المائية التي تملكها بالفعل.
لنبدأ مع الحيوان الكسلان، ما الذي يمكن أن يدفع بحيوان بطيء الخطى مثل الحيوان الكسلان إلى أن يتحرك في الماء؟ إنها الحاجة إلى السرعة بالطبع!
فحين يكون هذا الحيوان في الماء، يصبح عرضة للأخطار؛ ولذلك، فإنه عندما يستخدم أطرافه الطويلة للتجديف، تزداد سرعته بثلاث مرات عما كانت عليه على الأرض. هذا القزم الكسول ذو الأصابع الثلاث، الذي انقرض ولم يعد له وجود إلا في جزيرة صغيرة في بنما تدعى «إسكوديو دي فيراغواس»، تخصص في السباحة في البحر.
وإذا أراد أن يغير الشجرة التي يقيم فيها، فليس أمامه إلا أن ينساب في الماء ليبحث لنفسه عن مسكن آخر، وهو يفعل ذلك دون أن يخشى الغرق؛ لأن بطنه المملوء غازًا بسبب هضمه للأوراق يجعله يطفو على سطح الماء بكل سهولة!
نأتي الآن للشمبانزي «كوبر». فحين تجتمع القرود الضخمة مع الزرافات والبشر في نادي الكائنات التي لا تسبح بالفطرة، يعد الأمر آليا بالنسبة للثدييات، فما أن نلقي بها في الماء حتى تتحول فورًا إلى نظام «تجديف الكلب».
لكن، إذا وجدت القردة الكبيرة نفسها في الماء، فإنها تكتفي بالقيام بحركات غير منتظمة. وهذا الشمبانزي الذي أُطلق عليه اسم «كوبر»، ليس استثناءً للقاعدة. ولئن كان يستطيع تنفيذ سباحة الصدر، فذلك لأنـه تعلمها من البشر، وبما أن أسلافه اتخذوا من الأشجار مسكنًا، فإنهم فقدوا شيئًا فشيئًا عادة المشي على أربع، ولهذا اختفت طريقة السباحة المستلهمة من تلك المشية.
كما أصبحت أكتافها تتمتع بمزيد من الحركية، مما ساعدها على القيام بحركات سباحة الصدر، ومهما يكن الأمر، فإنها لا تفلح في ذلك إلا بمساعدة مدرب.
ماذا عن الثعابين؟ لا تملك الثعابين أرجل أو زعانف، ومع ذلك خُلقت أجسامها للسباحة؛ فهي مثل الأسماك تستطيع أن تقلّص جهة واحدة من جسدها بدلًا من جهتين في وقتٍ واحد.
ومن هنا، فإن حركة التموج التي تنتج عن ذلك التقلّص تدفع الماء خلفها، مما يسمح لها بالتقدم للأمام. وقد تأقلمت الثعابين مع نمط العيش شبه المائي، مثل الثعبان البحري الذي يعيش في إندونيسيا.
وبفضل خياشيمه ذات الصمامات ورئته الشبيهة برئة البرمائيات، يتمكن الثعبان من الصيد تحت الماء، على عمق قد يصل إلى ستين مترًا. كما يساعده طرف ذيله المسطح على دفع الماء في مساحة أوسع، كما لو كان يملك مجدافًا!
أما عن النمر، فلا يحتاج إلى تعلّم السباحة، بفضل موهبته الفطرية، فهو يعشق الماء، كما أن جسده مهيأ ليجعل منه بطلًا من أبطال السباحة؛ فهو يستخدم قوائمه العريضة والجلد بين أصابعه كمجداف ليسبح لمسافات طويلة، قد تبلغ عدّة كيلومترات.
وبما أنه يشعر بالراحة في الوسط المائي، فإن ذلك يعود عليه بغنائم كثيرة؛ حيث يمكنه انتظار فريسته لتأتي كي تشرب، ويباغتها وينقض عليها، فإذا صرعها في الماء سيكون من الصعب عليها الفرار.
وحتى الحيوان الضخم يمكنه السباحة. مثلًا نرى الفيل الآسيوي يتحرك في الماء بسهولة، ونتساءل: كيف لمثل هذا الحيوان الضخم أن يظل طافيًا على سطح الماء؟
ولكن في الواقع، الأمر بسيط؛ فهو يملك رئتين تتناسبان مع حجمه، وتقومان بوظيفة العوامات حين تمتلئان بالهواء. ورغم ذلك، لا يمكنه أن يغطس بكامل جسده الضخم تحت الماء؛ لذا يعتمد نظام الغواصة، ويحرك قوائمه حتى يتحرك في الماء.
كما يعتمد على ميزة فريدة يختص بها من بين الثدييات، وهي خرطومه الطويل، فحين يستخدمه كأنبوب للتنفس، يمكنه قطع بعض الكيلومترات في الماء بسهولة.
منقول بتصرف من مجلة الفتيان العدد 22