عالم التقنية والابتكار
مدونات العربي الجديد

“إسرائيل” بعلامات التنصيص تلاحقني

قبل عدة أشهر كتبت مقالاً في “هافينغتون بوست عربي” حول مؤشر رفاه المرأة في العالم WPS، وقد عرضت فيه ملخصا للتقرير الذي نشره معهد بحوث السلام، بما فيه ترتيب الدول العربية، مع بعض الملاحظات، والتي جاء في إحداها: (أما الأراضي المحتلة في فلسطين درست ضمن “إسرائيل”)، مما أثار حفيظة “إسرائيل” فأوعزت عبر منصتها المخابراتية “كاميرا” إلى إدارة موقع هافينغتون بتعديل المقال وذلك بإزالة علامتي التنصيص عن كلمة “إسرائيل”.

تعمل منصّة “كاميرا” كما جاء في موقعها الرسمي منذ عام 1982 من مقرها في بوسطن بالولايات المتحدة على متابعة وسائل الإعلام الغربية التي تنشر باللغة العربية، وذلك لرصد أية أخبار قد تفسر بطريقة لا تخدم أهداف الكيان الصهيوني في صراعه مع الفلسطينيين.

وحسب المثال المذكور فإنها لا ترصد الأخبار أو الكلمات فحسب بل وصلت دقة متابعتها حتى علامات الترقيم وما قد تحمله من دلالات خفية، والحق يقال بأنهم فهموا الأمر كما قصدته، أي إنني بوضع علامتي التنصيص لا أعترف بهذه الدولة.

والمتابع للقضية الفلسطينيّة يرى بوضوح حجم الضخ الإعلامي الذي تمارسه “إسرائيل” عبر كل الوسائل، ومدى ملاحقتها للفعاليات التضامنية التي تقوم بها الجاليات والمؤسسات الحقوقية المستقلة في جميع دول العالم، فهي ما انفكت تلجأ للقانون وثغراته في تلك الدول لمنع التجمّعات أو المظاهرات المناوئة لها.

كما أنها لا تبخل على داعميها ومؤيديها بالشكر والثناء، حيث أقامت نفس المؤسسة المذكورة أعلاه “كاميرا” حفلًا بمناسبة ذكرى تأسيسها السادسة والثلاثين كرمت أثناءه دولة غواتيمالا التي كانت السباقة في نقل سفارتها إلى القدس المحتلة بعيد قيام الولايات المتحدة بذلك.

وكانت “كاميرا” نوهت في مقالها حول إزالة علامات التنصيص حول كلمة “إسرائيل” بأن البعض ما زال يردد أحلامه التي يتمنى فيها زوال “إسرائيل” متجاهلا ما وصفته بالإجماع العربي حول الإقرار بوجود “إسرائيل” والسعي للسلام وللتطبيع معها، دون أن تنسى الشماتة بوضع سورية من تدمير وتفتيت، في محاولة للمقارنة معها وكأنها جنة الفردوس.

يا سادة إن “إسرائيل” التي تحاول الظهور بمظهر المسالم الوديع لم تدخر جهدا في التصدي لأية محاولة سواء كانت رسمية أو شعبية، فهي لم تتورع عن مهاجمة سفينة مرمرة وقتل النشطاء الذين حاولوا فك الحصار عن غزة، ولم تهدأ طائراتها التي تحوم فوق سورية في سعيها لتقليم أظافر إيران، ولم تستطع التعامل مع فلسطينيي مسيرات العودة العزل إلا بأقبح وجه لديها، ولم تتأخر في إيصال رسائلها الوحشية للفلسطينيين عبر قتل الممرضة الشابة رزان نجار.

صحيح أن أفيخاي أدرعي يجعل من نفسه تسلية للمتابعين العرب ومادة دسمة للسخرية، إلا أن الجيش الذي يتحدث باسمه لا يتعامل بالهزل أبدا.

نُشر هذا المقال في العربي الجديد بتاريخ 17/06/2018

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى