مقالات المحطةملحوظات طبية

المرض الذي تسبّب بموت الناصر صلاح الدين محرّر القدس

ما الذي تسبّب بوفاة السلطان صلاح الدين الأيّوبي الذي قام بتوحيد العالم الإسلامي خلال القرن الثاني عشر، ثمّ استعاد القدس من الصليبيين وتسبّب في إطلاق الحملة الصليبيّة الثالثة؟ حتى الآن كان هذا لغزًا. لكن من خلال البحث في أعراض مرض صلاح الدين المكتوبة قبل أكثر من 800 عام، فقد يكون الطبّ قد قرّر أخيراً ما هو المرض الذي أصاب السلطان القوي.

قال الدكتور ستيفن غلوكمان أستاذ الطبّ في كلّيّة الطبّ بجامعة بيرلمان في بنسلفانيا، بتاريخ 4 أيّار/مايو في المؤتمر السنويّ الخامس والعشرين للطبّ السريريّ في كلّيّة الطبّ بجامعة ميريلاند “لقد كان التيفوئيد“. يشخّص الخبراء في المؤتمر مرض شخصيّة تاريخيّة كلّ عام، وقد شخّص المؤتمر في السنوات الماضية كلّ من لينين وداروين وإليانور روزفلت ولينكولن.

حذّر غلوكمان من أنّ التشخيص النهائي لن يُعرَف على الأرجح لأنّ صلاح الدين عاش قبل عصر أدوات التشخيص الحديثة. لكن التيفوئيد وهو مرض يُصاب به الناس عندما يتناولون طعامًا أو ماءً ملوّثًا ببكتيريا السالمونيلا التيفيّة، يبدو أنه يتناسب مع المعطيات.

جدير بالذكر إنّ السلطان صلاح الدين كان شخصيّةً بارزةً لعبت دورًا محوريًا في تاريخ أوروبا والشرق الأوسط.

إنه بالتأكيد أحد أهمّ القادة المسلمين في عصر الحروب الصليبيّة في العصور الوسطى

توم أسبريدج ، الأستاذ في تاريخ العصور الوسطى في جامعة كوين ماري في لندن

وأضاف أسبريدج: “صلاح الدين الأيّوبي، المولود في 1137 أو 1138 في تكريت في ما يعرف اليوم بالعراق، قاتل إلى جانب عمّه أسد الدين شيركوه، -القائد عسكري البارز- ضدّ الدولة الفاطميّة، وهي سلالة دينيّة حكمت من 909 إلى 1171. ولكن عندما توفي عمّه في 1169، خلفه صلاح الدين في سنّ 31 أو 32”

بعد انتصاره في المعركة، عُيّن صلاح الدين واليًا على الشام ووزيرًا للخليفة الفاطمي. [موسوعة بريتانيكا]

في عام 1187، حرّر جيش صلاح الدين مدينة القدس وأطاح بالفرنجة الذين أخذوها قبل 88 سنة أثناء الحملة الصليبية الأولى. أدّت انتصاراته إلى إرسال الحملة الصليبيّة الثالثة (1189-1192)، بقيادة ملك إنكلترا ريتشارد الأول المعروف باسم ريتشارد قلب الأسد.

ومع ذلك ، بعد حمّى غامضة ومرض لمدّة أسبوعين توفّي صلاح الدين في 1193 في سن 55 أو 56. حاول طبيبه إنقاذه بواسطة الحجامة واللبوس الشرجي، ولكن دون جدوى.

كان لدى غلوكمان القليل من التفاصيل التي تمكّنه من إجراء التشخيص لكنّه تمكّن من استبعاد العديد من الأمراض. وقال إنّ الطاعون أو الجدري ربما لم يقتلوا صلاح الدين لأنّ هذه الأمراض تقتل الناس بسرعة. وبالمثل ربّما لم يكن مرض السلّ، لأنّ السجلّات لم تذكر مشاكل في التنفّس. ومن المحتمل أنّه لم يكن الملاريا لأنّ جلوكمان لم يجد أيّ دليل على أنّ صلاح الدين كان ينتفض من قشعريرة، وهو عَرَضٌ شائعٌ للمرض.

لكن هذه الأعراض تتناسب مع التيفوئيد وهو مرضٌ شائع في تلك المنطقة في ذلك الوقت. حيث تشمل أعراض التيفوئيد الحمّى الشديدة ووهن عامّ وألم في المعدة والصداع وفقدان الشهيّة. لا تزال العدوى الجرثوميّة مستمرّة حتّى اليوم. فكل عام حوالي 5700 شخص في الولايات المتحدة (75٪ منهم يصابون بالمرض في الخارج) و 21.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من العدوى الجرثوميّة. [حسب مركز التحكّم بالأمراض والوقاية منها]

اليوم تُوصَف المضادّات الحيويّة للمصابين بالتيفوئيد، لكن تلك لم تكن متاحةً خلال القرن الثاني عشر، وقال غلوكمان. ومع ذلك هناك ما يدعو للقلق مع تزايد المقاومة للمضادّات الحيويّة.

وقال جلوكمان: “في معظم حالات العدوى ، توجد مقاومة [للمضادات الحيوية]” وأضاف “إنّ الأدوية المجرّبة والحقيقيّة أقلّ فعاليّة في هذه الأيام.” ومع ذلك لا تزال بعض المضادّات الحيوية تعمل ضد التيفوئيد” على حد قوله.

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى